الصفحة الرئيسية  متفرّقات

متفرّقات القلم الحر ـ أغرب من الخيال: دولة بدستور تقنن حزبا لا يعترف بدستورها!

نشر في  07 سبتمبر 2016  (12:09)

بقلم الأستاذ عفيف البوني

من أعقد وأدق اﻹشكاليات في دروس العلوم القانونية والسياسية بالجامعات، ذلك التداخل والتمايز الى حد التناقض بين مفهوم القانونية Légalité والشرعية Legitimité  وحزب رضاء بالحاج ، الفرع التونسي لحزب مدولن  منذ حوالي 6 عقود كان قد تأسس في فلسطين ابان اغتصابها، فأشغل الفلسطينيين والمسلمين عموما عن ذلك اﻹغتصاب وعن وعد بلفور وسايكس بيكو والوحدة والنهضة العربية ومن أجل نسيان ما حققته انجلترا عبر لورانس العرب ، ذلك من خلال طرح نسخة معدلة من اﻹسلام السياسي المدولن والمختلف  عن اسلام حسن البنا، بعد اغتياله 1949، اسلام يأتي بالفتنة للمسلمين وينتفع به الطامعون في ثروات أوطانهم.
الحزب المذكور قانوني، ومن أجازه في حينها تجاوز القانون لسبب سياسي ظرفي او عقائدي، فهذا الحزب ﻻ يؤمن  بكل دساتير وقوانين وأعراف وحضارات وثقافات كل الشعوب، عدا ما هو متخيل ومقدس، في نظر القائمين عليه حول زمن وأحداث ومسميات، من الماضي، يجهلونها ويزعمون وثوق علمهم لوحدهم بها، بينما أهل اﻹختصاص من العلم بالتاريخ لهم من المناهج والحقائق النسبية المقنعة والتي بها يبرهنون على ان ما ادعوه أنه من الدين ومن التاريخ، ﻻشاهد يؤكد حصوله قديما او جدواه اليوم.
في الدول الديمقراطية يقع التمييز بين القانونية والشرعية، وتجار اﻷحزاب النشطة في اطار احترام الدستور، اى العاملة من أجل التنمية وصون المصالح العليا والحريات والحقوق للمواطنين وللإنسان دون تمييز، ولذلك منعت إجازة اﻷحزاب الداعية للكراهية وللتمييز او التعصب  الرافضة للدستور، مع أنها أبقت للأفراد الحق والحرية في اعلان الرفض للدستور وللقانون وهو حق للأفراد وليس حقا للتنظيمات السياسية وغيرها، الاستثناء اﻷخرق في تونس هو اعطاء الحق لحزب كتنظيم وعمل جماعي او حزبي وقانوني في رفض القانون والدستور القيم التي تتفق حولها أغلبية ساحقة من المجتمع الوطني والدولي، استثناء شاذ،، والقيس على إجازة هذا التنظيم في دول غربية وديمقراطية غير جائزباعتبار أن اﻹسلام السياسي، بموضات عدة ﻻ صلة له بالمقدس بل، هو إطار في خدمة من له مصلحة به، كل الدول الغربية والعلمانية احتضنته ودعمته وتحرص عليه، ﻹنه مشروع يجهض التنمية..
ﻻ يجب ان نغتر بحدوث عمليات ارهابية معزولة ومنفلتة عن التأطير ضد مصالح الدول الغربية او فيها، مع ان هذا اﻹنفلات اﻵن في الغرب  هو انعكاس منتظر من قبل اللاعبين الكبار، أو هوبعض من كلفة الحرب باسم اﻹسلام في مسلسل تخريب العراق وسوريا واليمن وليبيا... تحت مسمى اﻹرهاب، وباسم  القاعدة او الدواعش من جنسيات غربية خاصة من المنتمين وراثة او اعتناقا لدين  اﻹسلام، حيث بدأ الغرب يتحوط من أجل انشاء إسلام خاص بكل دولة، إسلام فرنسي مثلا، يلغي التمويل اﻷجنبي المالي واﻷيديولوجي، وقد تولى اﻵن اﻹشراف عليه جان بيار شوفانمان، الذي تتلمذ كما تتلمذت في الكوليج دي فرانس على العالم المستعرب ومترجم القرآن والمعجب بالحضارة والثقافة العربية، المرحوم جاك بيرك، هذا الغرب ﻻ يهمه اﻹسلام السياسي بكل أشكاله اﻻ من ناحية دعمه في اجهاض الديمقراطية  والحداثة والعلمانية وفي ذلك مصلحة له.
وحزب التحرير  ليس حزبا سياسيا يمارس السياسة بل هو جماعة ترفض السياسة وتسفه التطور والحضارة وتحتقر الثقافة والتاريخ وتجهل الجغرافيا السياسية، كما تجهل اﻹسلام كما يعرفه المسلمون والمؤرخون وحتى كما بشر به محمد بن عبد الله نبي اﻹسلام هو جماعة لم  يكلفها المسلمون التونسيون الراشدون وعددهم حوالي 6 مليون مسلم بمهمة تعليمهم اﻹسلام وﻻ طالبوهم بتنصيب حاكم مستبد يجمع كل السلط ويحمل لقب خليفة الرسول بعد موته بحوالى 14 قرنا، يحدث هذا في تونس اليوم، الخيال في اﻵداب والفنون، أغرب من الواقع، ولكن في تونس، وفي السياسة اليوم، يحدث، أن يحصل في الواقع ما هو أغرب من الخيال، دولة بدستور بعد ثورة، تقنن حزبا، ﻻيعترف بدستورها وبقوانينها، بمعنى، ان النظام السياسي ﻻ يعترف بشرعيته الدستورية وﻻ يطبق القانون على من ينتهك الدستور والقانون!
الخطيئة في هذا، حصلت من طرف السلطة التنفيذية في زمن اﻹضطراب السياسي والخلط اليوم يحصل من طرف السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية  والسلطة القضائية،حين يقع خلط القانونية مع الشرعية
في الدول الديمقراطية وفي القانون الدولي اﻹنساني الراهن والذي هو من روح اﻹسلام عند الفقهاء اﻷسوياء وليس عند المسلمين الجاهلين للإسلام كما جاء في زمنه ومن نبيه لي عودة لبيان الحزب الذي ينسب هويته ﻹسلام خاص به، هو غير إسلام المسلمين قديما وحديثا، ويكفرهم كما يكفر الحضارة العالمية ، بيان، توعد فيه بقطع الرؤوس حتى لو تعلقت بأستار الكعبة!! واتهم الشعب التونسي بسوء الفهم وبالتأويل الخاطئ وأنا منهم، ولي شهائد جامعية في آداب وتاريخ ولغة الضاد ومن جامعتين مختلفتين، الباكالوريوس واﻷستاذية، وسأقدم شرح مفردات ومصطلحات بيانه، من داخل السياق، ﻻ من خارجه.